عن الكتاب
تُعَـــدّ ملحمة إيـــرّا من كلاسيكيات الأدب العراقي القديم، وقد أضحت جزءًا من التراث الشعبي الشفاهي في بلاد النهرين القديمة والأقاليم المجاورة لها، ويبدو أنها حازت حينها على اهتمام وتقدير كبيرين، حتى إن المتعلمين آنذاك (وأغلبهم من الكهنة)، كانوا يرتلونها على نحو مستمر، واهتموا بتدوينها.وقد عُثر على ألواح متفرقةٍ لنصوصها في أرجاء العــراق والشرق الأدنى، وبعض من ما عُثر عليه من رُقم ودلايات كانت تستخدم تمائم لطرد الشر.تَرك هذا العمل الأدبي المتفرد بصماته الفكرية الصريحة على بعض ملاحم الإغريق ونصوص العهد القديم، ولا أدل من توصيف عالم الآشوريات البريطاني ويلفرد لامبيرت للقصيدة بكونِها “إحدى الروائع الملحمية للأدب الأكدي”، فهي عمل إبداعي متميز بتجسيده الواقع والحياة، من خلال توظيفه رموزاً دينية حيوية، يبرزها عبر النص المشبّع بروح مرحلة تاريخية لها خصوصية اجتماعية وسياسية، لتقف بكل جدارة إلى جانب الأعمال الملحمية العراقية الكبرى: جلجامش، واتراحاسيس (ثريّ الحسّ)، والإينوما إيليش (حينما في العُلى)، فهي لا تقل عنها ثراءً أدبيًا وبلاغيًا، وكعمل شعري- مسـرحي رصين، نتمنى أن يجد طريقه يومًا إلى خشبة المسرح العراقي.وردت الملحمة شبه مكتـملة في خمسة ألواح طينية باللغة الأكدية.وقد ترجمها من تلك اللغة الى اللغتين الألمانية والإيطالية عالم الآشوريات الإيطالي لويجي گانّي (1970-1969). ويسعدنا تقديم الترجمة العربية للنسخة الإنجليزية من هذه الملحمة (طبعــــة دار Undena ) للدكتور مؤيد سعيد بسيم الدامرجي والسيدة سها أحمد، مع تقديمٍ وافٍ لها، مُدعم بتحليلاتٍ وتعليقاتٍ مهمة، تشكّل بحد ذاتها دراسةً متــكامـــلةً تُـنـشـر- أول مرة – لترفد المكتبة العربية بإسهام ثري آخر من العـراق وأهله الى الفكر الإنساني.