عن الكتاب
يُعتبَر وليام كارلوس وليامز (1883- 1963)، في نظر كلّ النّقاد، أعظمَ شاعرٍ أصيل أنتجته أميركا في القرن العشرين. فهو لم يُغيّر الشّعر الأميركي فحسب بل حتّى طريقة التناول النقدي لهذا الشّعر. يقف وليامز على رأس الحداثة الأميركية مع باوند وجيروترود شتاين.لكنه تفوّق عليهما وعلى اليوت بالذات، بتركيزه على الواقع المحلي، مبيّناً كونيّة هذا الواقع وثراءه الشعري، ما ان تتوسّع نظرتُنا إليه.كما أنّه أحدث انزياحاً في الشّعر نحو الاعتماد على الصور والأشياء الملموسة بدل من جعلِه وعاءَ استغلالِ الانفعال والمزاج والاسقاط الذاتي.لا يرى وليامز فرقاً ثمّة بين مهنته كطبيبِ أطفال وكونه شاعراً: فبقدر ما يُخرج الطفل من رحم أُمّهِ، فإنهّ يستولد القصيدةَ من رحم الواقع اليومي.لذلك جاء شعرُه ثريّاً بما يتراءى عبر الأشجار، الشّوارع، المواسم، النّفايات، الفقراء والمُرضى من شعرٍ طليقٍ، وبكلامٍ أميركي حيّ مُتخلّص من لغة شكسبير، لغة العالم القديم! فالشاعر، في نظر وليامز، هو ابنُ يومِه. ويومُه هذا له شبكته الكلاميّة… على الشّاعر أنْ يعمل بها على اصطياد الحقيقة ووضعها في القفص.هذه أوّل انطولوجيا بالعربية تضم ما يقارب 160 قصيدة له. لم تُعَدّ لقارئ عاطفي منكودٍ يبحث عن مجازات شعرية تستقطر مآقيه أو صورٍ فانتازية تبهره نحو عوالم غير موجودة.وإنما أُعِدَّت لكي يدرك القارئ أنّ الحداثة التي لا نُدحة عنها لتشكيل رؤية شاملة، تكمنُ حواليه؛ وأنَّ الشّاعرَ الحقيقي، كوليامز، “يعرفُ كيفَ أنْ يكونَ مرآةَ هذه الحداثة”.