عن الكتاب
كل المحاولات تنتهى دائمًا بالفشل؛ قديمًا كنا نلعب صبيانًا وبناتً فى حوش جدتى، نكوّن فريقين ونتعارك، فريق البنات تحت قيادة هند التى أطلقنا عليها لقب هند دكر لأنها تتحدث بصوت خشن وعالٍ مثل الرجال، وتدفعنا بيديها الغليظتين، ولا تخاف من أحد سوى الولد أحمد الذى كان يقود فريقنا، وكنت أنا أنهمك مع البنات الأخريات فى الضرب والمدافعة عن نفسى فى حين كان أحمد مشغولاً بالبنت هند، يطرحها أرضًا ويركب عليها، ثمّ يحرك جذعه بسرعة، فنضحك ونعتقد أننا انتصارنا على فريق البنات، ولكن أكثر ما كان يغيظنى أن ضحكاتها كانت تعلو وتغطى على ضحكنا جميعًا، فتختلط علىَّ الأمور فلا أعرف من الفائز ومن الخاسر! ومرّة ونحن نلعب تحَسستْ عضوى فشعرت بلذة خفيفة ومبهجة تسرى فى ظهرى، وشعرتُ به يتحرك ببطء كأفعى تحبو من مرقدها، فقَبضتْ على عضوى بعنف فدب ألم رهيب بين فخذىّ وصرختُ ولم تتركنى حتى هتفتُ بأعلى صوتى:– أنا مرَه… أنا مرَه.وصعقنى الخجل فامتنعت عن اللعب معهن، بعدها بأيام، فوجئت بها توقظينى من النوم، فاندهشتُ، وتساءلت كيف دخلت إلى هنا؟– قلت لستك عاوزة عاطف.. قالت لى خشى صحيه.وصحيت، ونزلت معها وهى تقسم طول الطريق بأنها “محضرة مفاجأة” ومشينا طويلاً، وعبرنا أكثر من شارع حتى ابتعدنا عن المنطقة تمامًا، فوجدت نفسى فى أرض فضاء ليس بها سوى شريط خط لسكك حديدية ومحلات ودكاكين صغيرة جدًا مغلقة، قالت:– دى الصوامع.. بتاعت القمح.. الحتة دى اسمها الترسانة.كنت أعرف القمح ولكنى لم أكن أعرف ما هى الصوامع أو ما هى الترسانة، المهم، فى حطام سيارة أدخلتنى، السيارة كانت عبارة عن هيكل، عفشة قديمة جدًا ومتآكلة، وعجلة قيادة – طارة – وبلا عجلات، ركبت هى فى الكنبة الخلفية، وطلبت منى أن أركب إلى جوارها، فخفتُ، فضَحكتْ، فغلبتُ خوفى وركبتُ، جذبتنى نحوها وقبّلتنى، ثمّ قبّلتنى، ثمّ قبّلتنى، وقبّلتنى، وأنا عينى لا تفلت عجلة القيادة، فتوقفتْ وصرختْ: – انت بتبص على إيه؟وقلتُ لها: – استنى.وحشرتُ جسدى بين المقعدين الأماميين، وانزلقتُ، ثم جلستُ على كرسى القيادة ورحتُ أتقمص شخصية خالى محمد وهو يقود التاكسى الذى كان يعمل عليه، صَرختْ:– انت بتعمل إيه؟ فقلت بمنتهى الهدوء: – بسوق. كانت تلبس جيبة قصيرة جدًا فَرفعتْها وقالت: – بُص.