عن الكتاب
في مقالة ريجيس دوبريه المعنونة بـ “تصميم لدراسة عن غرامشي”، التي اختارها المترجم لتكون مدخلا للكتاب، نقرأ: “يشرع غرامشي في تعيين طبيعة الماركسية بتمييزها عن النزعة المادّيّة الميكانيكية التي كانت سائدة في القرن الثامن عشر؛ أي أنه يخوض معركة. ولذا؛ فقد اتسم نشاطه النظري بالسمة السجالية، بالدرجة الأولى؛ كما أن نشاطه العلمي – بوصفه مناضلاً [شيوعياً] – كان يرتكز على هذا النشاط النظري. ويخطئ كل مَن يحاول «تبرئة» بعض صيغ غرامشي النظرية – مهما تكن هذه الصيغ مثيرة للدهشة والاستغراب – بالقول إنها ناجمة عن دوره كمناضل عملي.الواقع أن كل تحليل نظري – في جوهره – تحليل سجالي؛ أي أنه شكل من أشكال النقد «الملتزم». إن ماركس ذاته يبني كتابه رأس المال على نقد الاقتصاد السياسي؛ إذ ينطق من السجال ضدّ سميث وريكاردو وساي. لكن الطريف في غرامشي أنه لا يُخفي «التزامه»، ولا يدّعي السعي وراء «موضوعية» مدرسية، أو أكاديمية، أو «علمية». بل يُسلِّم نظرياً بضرورة المساجلة العلنية.”من الكتاب:.. «ينبغي تبديد الوَهْم الشائع الذي يقول إن الفلسفة مهمة غريبة وشاقة، لمجرّد كونها نشاطاً ذهنياً متمايزاً، تتعاطاه فئة من الاختصاصيين، أو من الفلاسفة المنهجيين المحترفين. والواجب تبيانه – أولاً بأول – هو أن كل البشر “فلاسفة”، ويكون ذلك بتعريف حدود وملامح “الفلسفة العفوية” التي يمارسها الجميع.وهذه الفلسفة كامنة: 1) في اللغة – واللغة مجموعة من المعطيات والمفاهيم المحدّدة، وليست مجرّد كلمات لا محتوى نحوي لها. 2) في “الحكمة الشعبية” و”الحسّ السليم”. 3) في الدين الشعبي، وبالتالي في مجمل نظام المعتقدات والخرافات ووجهات النظر وأنماط السلوك التي تشملها جميعاً تسمية “فولكلور”. »..