عن الكتاب
ينتهي من تناول وجبة العشاء في المطعم الذي تعوَّد على ارتياده منذ سنين، ثم يخرج للسير في شوارع المدينة الصغيرة المغطاة بالثلوج.. يمر أثناء سيره على بيوت تحيا بالتجمعات العائلية وزينة عيد الميلاد المجيد.. يمشي لمسافات طويلة هربًا من العودة إلى البيت، بالرغم من حاجته الماسة إلى الراحة.يستسلم أخيرًا لرغبة جسده الُملحَّة، فيعود إلى البيت.. يصعد السلم الضيق ببطء، ثم يمشي في الممر الصغير في اتجاه شقته.. يلمح من بعيد صندوقًا في انتظاره أمام بابه.يدخل البيت المظلم حاملًا الصندوق، ثم يُشعِل الضوء ويتجه إلى كرسيه الخشبي الهزَّاز بجوار النافذة.. يفتح الطرد ليجد فيه صورة قديمة بالأبيض والأسود لفتاة جميلة، وذاكرة متنقلة، ورسالة.. يمسك الصورة ويُطيل النظر إليها ثم يفتح الرسالة:حانت لحظة المواجهة للتعافي من آلام الماضي! يجلب حاسوبه الشخصي ويضع الذاكرة فيه، ليجد عليها ملفًّا واحدًا فقط.. هو تسجيل لها بالصوت والصورة..يضغط على زر التشغيل لتقول بابتسامة منكسرة:لقد تعادلنا.. الآن أراك من بعيد بعين الطفلة التي التقت بك أول مرة منذ أكثر من ثلاثين عامًا. يشعر بغُصَّة من كلامها وينقبض، فتقول: أتعتقد أنك قد اتخذت القرار الصحيح حين تركت كل شيء خلفك ورحلت؟!أعلم أن كلامي قد يدهشك؛ لأني بنفسي سعيت وراء ذلك؛ ظنًّا مني أنه الحل، ولكن اتضح أن كِلَيْنَا كان مخطئًا؛ لذا دعني – يا عزيزي – أقُصَّ عليك الحكاية هذه المرة من منظوري أنا؛ فربما أكون سببًا في تغيير المستقبل بعد أن عجزت عن تغيير الماضي إلى الأفضل.. وربما تجد لي عندك عذرًا كما وجدتُه أنا لك.