عن الكتاب
“التفتت أولجا ناحيتي وأنا أضع في حقيبتي دفترًا وقلمًا، وأعيد النظارة إلى الحافظة، همست: “كرة السلة للناشئين أيضًا؟”، ثم وقفت معي، واعتدلت. هكذا تعارفنا في اجتماع أولياء الأمور.كانت المُدرّسة جينفرا شخصًا فريدًا من نوعه، هكذا رأيتها من أول وهلة، على عكس لوريدانا التي يمكن القول إنها كانت مُدرّسة جيدة إلى حد ما.تخيلت أن ألتقي بمثلها حتى في المدرسة الابتدائية في بروكسل التي درس فيها مانو. صارمة، ودقيقة، بجسد مفرود، وابتسامة خفيفة على وجهها، وملفات في يديها. أما جينفرا، فهي تجسيد لأبشع التصورات المعروفة عن الإيطاليين.بشرة داكنة، جسد نحيف، وقصة شعر قصيرة، حركاتها مرنة، تتلوى أمام أولياء الأمور، وتومئ بيدها، يدها العليا مرفوعة، واليسرى مثنية على خصرها، ثم فجأة تميل إلى الوراء، وبحركات راقصة تتحرك ناحية السبورة كلما أرادت أن تشرح شيئًا، ثم تذهب ناحية مكتبة الفصل، وتظل طوال الوقت تصرخ، وتهز رأسها، وكأنها تريد أن تشرح لنا كل برنامج العام الدراسي بحركات جسدها الراقصة. تختبر ما تقول على كل ما هو في الفصل ولم ننتبه إليه.“هنا ماصات في الأكواب، كل تلميذ لديه واحدة، الحاضر والغائب، هناك نعلق أغطية الزجاجات؛ البيضاء لأيام العمل، والملونة لعطلات نهاية الأسبوع. كل سبع زجاجات في كيس صغير نجمعها فيه في النهاية، لتمثل أسبوعًا… وهنا هذا الخط الذي يفصل سبتمبر عن أكتوبر، بعد خمسة أيام كاملة، وبهذا نستطيع أن نفسر لهم مرور الوقت”.لم أتمكن من متابعتها، “في الخلف خريطة العالم، لكننا لم نستخدمها حتى الآن”، ينظر كل الآباء والأمهات إلى الخلف، ثم إلى الأمام مجددًا، بينما علقت عيناي على الخريطة لوقت أطول.إنها إحدى عاداتي السيئة، كلما نظرت إلى الخرائط وكتب الأطلس أبحث عن تشيكوسلوفاكيا التي ما زالوا يحتفظون بها موحدة. لكن هذه الخريطة مختلفة، حديثة…..”