عن الكتاب
كل من كانوا في الحرب عُرفَت مصائرهم، الذين ماتوا والذين وقعوا في الأسر، والذين عادوا بعد أن هاموا على وجوههم في صحراء بلا أول ولا آخر، ونجحوا في تفادي عيون الأدلاء حتى لا يسلموهم إلى القوات الإنجليزية، لكن الجندي فتح الله النوساني الذي كان قبل ذهابه إلى الحرب عاملًا في إسطبلات الخيل في وسية آل عابدين في «نوسا البحر» لم يُعرف مصيره.ذهبت حلاوية مع الذاهبين إلى المديرية في المنصورة لتسأل عن مصير زوجها، كان مبنى المديرية بعد سقوط الحكومة في حالة بائسة، فقرأ عليهم أحدهم أسماء القتلى والمأسورين، ولم يكن فتح الله من بينهم، وفي طريق العودة من المنصورة تحدثت حلاوية إلى رضيعها:– أمك لم تحرمك من أبيك يا منصور، بل وقفت في وجهه، قالت له لما أبلغها بعزمه الذهاب إلى الحرب … أنت لا تعرف كيف تحارب يا فتح الله، ولم ترَ في حياتك بارودة، فقال وهو يتأهَّب: ليست بواريد يا حلاوية، أليسوا في حاجة لمن يحفر ويردم ويحمل المهمات ويرعى الخيول والبغال. وبكيت أستعطفه … أتتركني وحدي وأنا على وشك الولادة يا فتح الله؟قال: إذا انتصرنا ستتغير الدنيا يا امرأة، سنكون أحرارًا في بلادنا، وسيكون لولدنا حياة غير حياتنا، ثم مضى وأنا أقول له: ستذهب يا فتح الله … ولن تعود، أنا أعرف بختي.