عن الكتاب
يضيء الكاتب “جوناثان ليونز” من خلال كتابه “بيت الحكمة” على حضارة وإسهامات العرب في بناء الحضارة الإنسانية، فيما سمي بالعصر الذهبي لحضارة العرب. يقول الكاتب: “عُد بالزمن للوراء وسترى أن من المستحيل تصوُر الحضارة الغربية من دون ثمار العلم العربي: فن الجبر للخوارزمي، أو التعاليم الطبية والفلسفية الشاملة لابن سينا، أو علم الجغرافيا وفن رسم الخرائط للإدريسي المستمرين إلى اليوم، أو العقلانية الصارمة لابن رشد. بل الأهم من عمل أي شخصٍ فرد كانت المساهمة الإجمالية للعرب، تلك التي تقع في صميم الغرب المعاصر؛ أي إدراك أنَّ العلم يمكن أن يمنحَ الإنسان القدرة على تسخير الطبيعة”.جاء اهتمام الباحث “جوناثان ليونز” لهذه الدراسة المقارنة في علم اجتماع الأديان للكشف عن سر تراجع العرب وتقدم الغرب والرد على السياسة المعادية للإسلام التي صُنعت في ظل الحملات الصليبية لتطمس عن قصد الدور العميق للثقافة العربية في تطور العلم الحديث.فبينما كانت أوروبا تعيش في الظلام، بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، وتحول أوروبا في زمن العصور الوسطى إلى مكان خلفي منعزل وجاهل، عالم يزرع ليعيش، لا يقرأ ولا يكتب إلا قليلاً، غارقاً في صراع عنيف.في هذه الأثناء كانت الحضارة العربية تزدهر، وتبهر أولئك الأوروبيين المحظوظين الذين ألقوا نظرة خاطفة، مجرد نظرة، على التقدم العلمي الآتي من بغداد أو أنطاكية أو مدن فارس وآسيا الوسطى والأندلس. كان الفلاسفة وعلماء الرياضيات والفلك العرب والمسلمون يدفعون أمامهم باضطراد حدود المعرفة ويُحْيُون أعمال أرسطو وأفلاطون. وفي المكتبة التي أسسها الخليفة العباسي هارون الرشيد في بغداد، التي عُرِفت ببيت الحكمة، عمل جيش من العلماء بأمرٍ منه ومن الخلفاء من بعده. وخاصة ابنه المأمون. وبينما كانت أفضل مجموعات الكتب في أوروبا لا تتعدى بضع عشرات من المجلدات، كان بيت الحكمة يفتخر باحتوائه على أربعمائة ألف مجلد.حتى عندما كان أهل البلدان الأوروبية يشنون الحروب الصليبية الدموية على المسلمين، سافر عدد قليل من طلاب العلم المسيحيين الشجعان إلى بلاد العرب، متعطشين إلى المعرفة، وعادوا منها بجواهر لا تقدر بثمن من كتب العلم والطب والفلسفة التي كانت هي أساس عصر النهضة. في هذا الكتاب المتألق المثير، يبين “جوناثان ليونز” كم تدين الحضارة “الغربية” لأمجاد الحضارة “العربية” في العصور الوسطى، ويكشف كيف عبّت أوروبا من معين العلم العربي، وهي قصة لم يروها أحد من قبل.