عن الكتاب
“ألكسندر رومانِس” لم يكن في حياته ما يَعِدُ بأنّه سيكون كاتباً أو شاعراً، فمدير السيرك الحاليّ، الّذي كان بهلواناً ومروّض أسود وعازف موسيقى الباروك في شبابه، ينتمي لشعب الغجر الّذي لم تكن الكتابة يوماً من تقاليده.غير أنّ “رومانِس”، الّذي تعلّم القراءة والكتّابة في سنّ العشرين، كان لديه ما يقول،فبدأ، وهو في الخامسة والأربعين، يكتب قصائده وحكايات أهله الغجر من دون إدّعاء صفة الشاعر.في هذا الكتاب، يروي “رومانِس” رحلة حياةٍ فريدة تبدو كأنّها عدّة حيواتٍ في واحدة لا تقلّ إِحداها عن الأخرى جنوناً وشاعريّة؛ رحلة شاعرٍ انتقل من ترويض الأسود، في السيرك، إِلى ترويض الكلمات في القصائد بعد أن هجر العائلة واختار حياة الترحال.يكتب “رومانِس” ذكرياته وكأنّه يحكيها بعفويّة حارّة وخفّةٍ آسرة، ذاهباً إلى الجوهريّ مباشرةً في نثر شذريّ مدهش ومربك، مرح ومؤلم في آن مثل حياة صاحبه الصاخبة الملوّنة.إنّها ذكريات رجل تحكم عالمه قيمتان هما الحريّة والجمال، رجل يفضّل “الوردة على الوطن”؛ لم يجلس يوماً إلى طاولة كي يكتب نصوصه، ورفض دائماً أن يوسّع خيمة سيركه الناجح كي لا يصبح ثرياً، واشترط لقبول وسام جوقة الشرف الفرنسيّ أن يتسلّمه في خيمة السيرك بين جمهوره؛ رجل سُجن في كلّ بلد حل فيه، وخاض المشاجرات وما زال جسده يحمل آثار الطعنات؛ رجل دعا الله، حين دخل المشفى ذات يوم حاملاً ابنته بين ذراعيه: “يا إِلهي نّجها! لا تجبرني على أن أصبح أعظم الشعراء”.