عن الكتاب
“أيْن سيْرك”، سألتْه إحْداهن، زانية في الأرْبعين من عمْرها، مُمْتلئة الجسد والنهْدين كانتْ، نحيفة الوجْه وشفتاها بلوْن الرّمان حمراوان، شعْرها منْثور أسْود، ترْتدي ثوْباً قروي الألْوان والرّائحة، أصابعها دقيقة موْشومة بأزْرق، كما بيْن عيْنيها وتحْت شفتيْها. نقْطة داكنة الزّرْقة فوْق جبينها وثلاث تحْت امْتلاء شفتيْها. “لم أبْدأ سيْري بعْد”، قال ينْظر إليْها يتحقّق منْها.“ولكنّكَ تسير”، قالت تبْتسم. “ربّما، ولكنّها الطّريق لا أراها. ليْس بعد”. “أرى طريقكَ خلْفكَ تُلاحقكَ”. “أعْلم، ولكنّها للآن لمْ تصل”، قال يتملْمل في جلْسته يُحاول يُخْفي ضيقه. أمْسكتْ يده تنْظر أمامه معه. “سيطول سيْركَ”، قالتْ تهْمس وقد اقْتربتْ بوجْهها حتى كادت تلامس وجْهه، وسبْعاً من السّنين ستكون أمامكَ وأخْريات مثْلها خلْفكَ… لا تدع الأرْض تتوقّف ترْتجف تحْتكَ. لا تدعها تتوقّف ترْتعد أمامكَ. والشّمْس والقمر”.ومما جاء في مقدمة الرواية :«إن العدم، عندما يأتيكَ، يأخذ لونكَ يُخليكَ منكَ ينهش داخلكَ يمضغكَ يأكلكَ يُحوّلكَ لا شيء، يبتلع ماضيكَ وحاضركَ. يُحدّد سير الزمن القادم من غيبكَ»، قال الصالح يُحدّث أتباعه ينظر… ولا يرى أمامه. خطّ الأفق كان يمتدّ ضباباً، والريح مُنخفضة تُنقّل غُباراً ورائحة جيفة، ضباع تأكل منها وصقور تحلّق في السماء فوقها. «والعدم»، أكمل الصالح يستحضر ما قيل له في منامه، «ليس رغماً عنكَ يأتيكَ».