عن الكتاب
يتجاذب حضارتنا عالمان، واحدٌ يسحبها إلى الماضي، وآخر يدفعها إلى المستقبل. وكلما انغمسنا في رحلة الرجوع إلى الوراء، ازدادت عندنا مشاعر البقاء للأعنف التي تريد عالماً الأصلُ فيه هو شنّ الحروب وإذلال الخصوم. في المقابل، كلما انخرطنا في رحلة الأمام ازدادت عندنا مبادئ البقاء للأعقل الذي يريد عالماً الأصلُ فيه هو السلام والتعايش بين الشعوب المختلفة.إنّ الغوص في سرداب العنف يساعدنا في فهم كيف تصحو وتزدهر تلك الوحوش النائمة في النفس البشرية، التي لا يمكننا محوها والتخلص منها لكننا نستطيع تنويمها وإخضاعها لمتطلباتنا لعلّها في يوم من الأيام تخضع لقانون التطور وتندثر مثل الطفرات الخبيثة التي لم تتكيّف مع محيطها، فصارت قبوراً في جيناتنا.ليس التطرف مجرّد رّدة فعل، بل هو مؤسسة هلامية ممتدّة في حياتنا تتغذّى بدوافعنا وغرائزنا وعُقدنا وقهرنا، يستطيع قادتها ممارسة السحر على أتباعهم ليحوّلوهم إلى براغٍ في آلات تدميرية تهيّجها العواطف، وتمارس القتل الذي يتضمّن التدمير الذاتيّ من أجل رؤية الأشلاء والدماء التي تروي تلك المشاريع الميتة. أليس من الغريب أن الغالبية الساحقة من أتباع الأديان مسالمون ومضطرّون لدخول مواجهة مفتوحة مع معتقدات مشوّهة قد نُزعت من أديانهم بعد خطفها؟