عن الكتاب
جميع صحف اليوم التالي الصباحية أشارت إلى السرقة الفاشلة، الجميع فوجئ، مفاجأة النفاق، بأنّ أسطورة غايتان ما تزال تُلهِبُ العواطفَ بعد ستّ وستين سنة من الأحداث وقارن بعضهم للمرّة الألف بين مقتل غايتان ومقتل كِندي، الذي أتّم في العام الماضي نصف القرن، دون أن يكون قد تقلّص الذهول أدنى تقلّص. الجميع تذكّروا، عندما دعت الحاجة، ظروفَ القتل غير المتوقَّعَة: المدينة التي أحرقتها الاحتجاجات الشعبية، القنّاصة الذين اتخذوا مواقعهم على السطوح، الذين كانوا يطلقون النار من دون أوامر ولا تمييز، البلد في حربِ السنوات اللاحقة.المعلومة ذاتها كانت تتكرّر في كلّ مكان، بتنويعات أكثر أو أقل وبكثير أو قليل من الميلودراما، مرفقة بكثير أو قليل من الصور بما فيها تلك التي انتقمت فيها الشرذمة الغاضبة توّاً من القاتل، وراحت تجرّ جسده شبه العاري وسط الطريق السابع باتجاه القصر الرئاسي.لكنّني لم أستطِع أن أعثر في أيّ من وسائل الإعلام على تفكير، مهما كان بائساً، حول الأسباب الحقيقيّة التي تجعل رجلاً، ليس مجنوناً، يُقَرّر أن يقتحم بيتاً محميّاً ويأخذ بالقوّة الثيابَ المثقّبةَ لرجلٍ مشهور ميت. ما من أحدٍ طرح هذا السؤال وذاكرتنا الإعلامية راحت تنسى شيئاً فشيئاً كارلوس كاربايّو. والكولومبيون المخنوقون بأعمال العنف اليومية، التي لا تفسح لهم الوقت كي يشعروا بالإحباط، تركوا ذلك الرجل المسالم يتلاشى تدريجيّا مثل ظلٍّ في المساء. ما من أحد عاد ليُفكّر به.