عن الكتاب
طرأ على المشهد العام لعالمنا تغير بسيط جداً خلال العقد المنصرم، أما المشاهد الصغيرة هنا هناك فهي متغيرة سنوياً بطبيعة الحال؛ رغم نجاحها في استقطاب جل اهتامنا بما أنها تحدث الآن. فعلى سبيل المثال، يندرج قيام ما يطلق عليه (تنظيم الدولة الإسلامية) في أجزاء من سوريا والعراق في هذا السياق، وهو المشهد الذي تعرضه وسائل الإعلام كحدث مفصلي مروع فريد من نوعه في التاريخ العالمي.يمكن اعتبار ظهور هذا التنظيم نقطة تحول كبرى في تاريخ البلدان الناطقة بالعربية في منطقة الشرق الأوسط – وهذا ما سيظهر لاحقاً – أما إذا نظرنا إلى الأمر من وجهة نظر المؤرخ العسكري، فسنرى في ما حصل نجاحاً استثنائياً لاستراتيجية الحرب الثورية؛ وهناك العشرات من الأمثلة الأخرى في العقود الستة الماضية، إلا أن معظم تلك الاستراتيجيات باءت بالفشل. ويعتبر الإرهاب الدولي نسخة مصغرة عن المشكلة الصغيرة التي برزت في السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم، ورغم أنها أصغر حجماً (باستثناء هجمات ١١ سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة) إلا أن المتغير الوحيد الطارئ هو أسماء المشاركين في تلك العمليات.سيسأل مروجو الذعر: ماذا لو حصل الإرهابيون على سلاح نووي ؟ بالرغم من أن هذا احتمال بعيد جداً، لكن حدوث ذلك يعني احتمال تعرض عشرات الآلاف – وربما أكثر من مئة ألف شخص- إلى الموت المباغت في أحد الأماكن التعيسة. إن وفاة جماعية بهذه الضخامة لا تحصل إلا لماماً، ولأسباب طبيعية متصلة بالكوارث الطبيعية من فيضانات وزلازل. ولا تزال هذه الكوارث محتملة الحدوث حتى يومنا هذا، ولا نملك إثر حصولها إلا الاندفاع لمساعدة الضحايا، والقيام بما في وسعنا للتخفيف من مخاطر تكرارها، وذلك من خلال إنشاء سدود أفضل، وتشييد المباني (المقاومة للزلازل) وغيرها. غير أن تلك الكوارث المأساوية ليست إلا جزءاً من تكاليف الأعمال البشرية التجارية على سطح الكوكب.